ظل رجل كسيح – حسام الدين يحيى
أحمل باقات الياسمين
وأنتظر القمر
لنتجادل
حول مواقف الشعوب من غلاء الأسعار
ننسج من بقايا الذاكرة
حلماً،
وقطاراً نسافر به حتى فينسيا
يحلم كذلك هنا
الفتيات الغارقات في شحم الماكينات
وعمال النظافة
والمتعبون من القهر
على أعتاب الشمس
وعلى غرار الحقيقة
وفى وجه الصباح
أقف بين المتثائبين
ودوريات الشرطة
ومفتشين الإدارات
أصابعهم خشنة
وجوههم متسخة
يتحسسون جسد الحياة
فى نشوة وعنف
والياسمينات تأن.. وتأن
يمكث القائد في عربة مصفحة
لا يبالي بوجوه المعترضين
ويدخن الخشخاش
وأنا أحمل فى حقيبتي
جواز سفر مزور
وكمان صغير
كان حلمي
أن أعزف ..
كونشيرتو الحياة
قبل أن أفقد جسدي
تحت عربة مصفحة
***
ثمة ظل على الجدران
يداعب ياسمينات وهمية
أرسم أكواباً من القهوة
ووجه مايا
والراكضين تحت الأمطار
نحملق بعضنا في بعض
ثمة شيء في هذا العالم
كلما انتشرت العتمة
يطل..
ربما ضوء
أقوى من أقدام المتثائبين
يمحو رائحة الموت
ويغسل تلك القذارة عن العالم
كل شيء صار مختلفاً
لا مكانَ للعربات المصفحة
ولا مكان للعصى الخشبية
ولا مكان للرصاصات المطاطية
تحتل أشجار البلوط أقسام الشرطة
والياسمينات تنبت في ساحات التعذيب
تنبت من الصخور والأسفلت
الأسماء جديدة
والوجوه جديدة
العساكر ترتدي الأزرق
وتوزع الشكولاتة في الشوارع
حينما يتهافت عليهم المحبين
فى حضرة كيوبيد
وفى حضرة الشمس
والنسائم ورائحة الحياة
ليس ثمة ألوانُ غير
ألوان قوس قزح
يعبر بين الأجساد
يتبدل الحال
طنين النحلات
وطعم العسل المتساقط من السماء
يدخل حارس الزنزانة
يدوس بقدميه
بخشونة فجة
الشمس..
الياسمينات
نزع النسائم وقوس قزح من الجدران
ألقي بها في المرحاض
فقط..
ظل رجل كسيح
يتشبث بحياة تهرب
على جدران زنزانة عفنة
ما تبقى في النهاية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أديب مصري، مواليد 1982م، له مؤلفات عدة في مجال الرواية “عبث الآلهة 2017م، سندريلا تعشق فصل الشتاء 2021” والقصة “مارد أزرق عملاق 2016م” والنثر “أنثى من زاوية أخرى 2020م”، كما نشر له العديد من النصوص الأدبية في الجرائد والمجلات المصرية والعربية.