دمشق .. طوق الياسمين ــ إبراهيم عيسى علي

وداعكِ يُتمٌ ..كَيفَ يحيا المغادرُ
ونزْفُكِ شَعْبٌ لمْ تُخِفْهُ المجَازِرُ
لمَ الحُزْنُ يا قَلْبِي وأنْتِ كقِبْلَةٍ
إَلِيكِ الهوى يسعى.. إلَيكِ يهَاجِرُ
إذا ما استكانَ الشوقُ عِنديَ لحظَةً
تُسَعّرُ مَنْ جوفِ الغرامِ مَشَاعرُ
فلا تَعْتَبِي …كُلِّي جروحٌ عَمِيقةٌ
فهلْ تَبْرَأ العَينانِ والجُرْحُ غائِرُ
دِمَشْقُ ..أنا طِفْلٌ يتيمٌ وَدَمْعَتِي
بلا وَطَنٍ.. قولي إلامَ أُكَابِرُ
حَزِينٌ أنا ما لي سواكِ حِبيبةٌ
ءَ أَنْسى وقلبي في غرامكِ ثائرُ
فما كان طوقُ الياسمِينِ لِيُنْتَسَى
فقولي لهُ اِهْدَأْ ستأْتِي البشائرُ
خُذِي جسَدِي ثُمَّ امْنَحِيهِ حياتَهُ
هَبَيهِ خلوداً يومَ تفنى المحابرُ
هبينا عناقاً أوْ هبينا مُدامَةً
على ظَمَأً حتى تفيقَ الضمَائرُ
عروسٌ ولكَنْ عُرْسَكِ اليومَ مأْتَمٌ
فكَيفَ يَدُقُّ القلبُ والحظُّ عاثِرُ
سيبكِي عليكِ الدهرُ دونَ تَوَقّفٍ
بكاءً مرِيراً ما بكَتْهُ الحرائرُ
فلو تعلمِ الطعناتُ حجمَ مواجِعي
لعادَتْ إلى الغِمْدِ البَرِيءِ الخناجِرُ
هنا بينَ دَفّاتِ الضلوعِ جَمِيلَةٌ
دِمَشْقِيّةٌ لمْ تُرخَ عنها الستائرُ
خُرافِيَّةُ الأوصافِ حُسْنُكِ قاتَلٌ
لماذا أراها اليومَ تُبنَى المقابرُ
بتولٌ على مرّ الزمانِ كَمَرْيَمٍ
حَمَلْتِ رِسالاتٍ وجـوْفُكِ طاهرُ
سآتي على ظَهْرِ القصيدةِ عاشقاً
سآتي ولو سُدّتْ إليكِ المعابِرُ
دعيني على الأنقاضِ أَرسُمُ قبْلَتي
شفاهكِ دُرّاقٌ وخَصْرُكِ عـاطَرُ
غَزَلْتُ شجوني في أنينِ قصائدي
كما غُزِلتْ تَحْتَ الخمارِ الضفائرُ
فَما الخوفُ أنَّ الحُبَّ عَنْكِ مسافرٌ
ولَكِنَّ خوفي أنْ يموتَ المسافرُ
عدِيني ..لأنّي ما شُفِيتُ ..لأنّنِي
أَعَيشُ لُجُوءً لمْ يُرِدْهُ المهُاجِرُ
فَلِي في ثراكِ اليومَ قبرُ حَبِيبَةٍ
لَهَا منْ زهورِ الياسَمِينِ أسَاوِرُ