أدبية ثقافية فصلية تصدر باللغتين العربية والكردية

رؤية في قصة “رحلة العودة” للكاتبة سعاد محمد الناصر ــ هبة سلطان

هبة سلطان

 

القصة ما هي إلا وسيلة من وسائل اكتشاف التعاقب الزمني في تجاربنا الحياتية، كالمصور الفوتوغرافي الذي يتحين اللحظة الحاسمة لالتقاط المشهد، فداخل كل مشهد قصصي، لحظة حاسمة.

ومن هنا بدأت قصة رحلة العودة بمشهد (خلع لباسه المدني وارتدى حلته العسكرية)، لتأهيل القارئ بحالة الحرب، واقتحام البطل للمعركة دون الخوف من الأهوال والموت.

 

دلالة العنوان:

 

العنوان فيه تجسيد وتصوير معاناة بطل القصة مروراً بخروجه من بيته، وذهابه لساحة المعركة، ثم عودته مرة أخرى حاملاً النصر. وما مر به أثناء رحلة عودته إلى أسرته الكبيرة وطنه، وأسرته الصغيرة بيته وزوجته من مآسي وصمود ومقاومة.

 

أحداث القصة:

 

تدور أحداث القصة أن البطل يقرر خوض الحرب، ويرتدي البدلة العسكرية دون خوف أو تردد، بينما تخشى زوجته وحبيبته عليه، لكنها تبدي الموافقة على قراره، بابتسامة تخفي بها ألمها، ويذهب الزوج لساحة المعركة، وتنتظره الزوجة ما بين حيرتها وقلقها، إلى أن يعود إليها منتصراً.

اختارت القاصة جملة “وراء أجمل الأحلام تقبع أشياء غريبة”، وإن كان الأجمل في مضمون القصة اختيار كلمة “مخيفة” بدلاً من “غريبة”، حب الزوجة لزوجها وإخلاصه لها هو أجمل الأحلام. لكن دائماً المخيف والمرعب أن تفقد الزوجة حب عمرها زوجها، خاصة إن كان ذاهب إلى ساحة الحرب.

صورت القاصة خوف الزوجة بالشعور بالألم الذي ظهر على وجهها، ولكن سرعان ما أخفته بابتسامة.

استخدمت أيضاً لفظ “أغلقت عقلها” وفيه تشبيه للعقل بالنافذة ترى منها البطلة كل شيء، لكنها تقوم بغلقه لكي لا ترى ما لا تحب أن تراه.

 

في وصف الحبيبة للحبيب:

 

يأتي الجزء الثاني من القصة، تصف الزوجة حبيبها زوجها الذي بالنسبة لها رجلاً استحوذ على عقلها قبل قلبها، حتى فشلت في مقاومة حبه، كأن الحب مهاجم ونحن مدافعين، وقد شبهت حبيبها بالحياة والروح.

تتحمل الزوجة ألم الفراق بصبر، في انتظار رد حبيبها على رسالتها بعد أن ذهب إلى الحرب ، وما أن رن هاتفها، حتى بدأت تشعر بالراحة والسعادة.

في مفارقة إبداعية هي حالة الحب والإخلاص وصوت المدافع وساحة المعركة، نجحت القاصة في نقل القارئ من حالة إلى أخرى.

جاء تعبير “نستولوجيا الحنين” دقيقا للغاية، وهو تعبير يشير إلى الألم الذي يعانيه الفرد اثر حنينه للعودة الى بيته، وخوفه من عدم عودته للأبد.

لننتقل بعد ذلك للجزء الثالث من القصة وهي أسر البطل، وهو الزوج، وكيفية استقباله للموت والاستشهاد من أجل الوطن بفرحة غامرة.

ويأتي قلب المحبة الذي يشعر بحبيبها، وكيف أسر، فتتبدل مشاعرها بين السعادة والحزن، فوصفت الفرحة بالأطفال، والحزن كعجوز محبطة تتكسر ملامحها.

الجزء الرابع من القصة وهي تخليص البطل من براثن الأسر، ورفع الأعداء الراية البيضاء، والعودة ببشائر النصر.

وفي ختام القصة التي امتزجت فيها الحب بالحرب، استخدمت القاصة أيضاً فعل ماض وهو “وعاد اليها متوج بالنصر”، فكما بدأت القصة بفعل خلع، انهتها أيضاً بفعل عاد.

القصة هي انتصار الحب، حب الله والإيمان بالنصر، حب الوطن، حب الزوجة والأسرة.