قصص قصيرة جداً – كاوا درويش

محبة
صدى فصاحته وبلاغته وصلت أمصاراً بعيدة… صعد الشيخ الجليل المنبر بعمامته الملفوفة حول رأسه، ألقى خطبة الجمعة، خطب في المصلين عن العفة والمحبة وصفاء القلب ونهاهم عن الحقد و الحسد والكراهية مطولاً.. أنهى خطبته وعاد لبيته، غسل كفه اليمنى قبل اليسرى، فتذمرت تلك من تلك، وانفجرت حقداً وحسداً.
صحوة
غزا الملائكة، اشتبك معهم، سلبهم بعضاً من وجوههم. مع كل إشراقة صباحٍ كان يرتدي وجهاً، وفي المساء يخلعه ويرميه. تلاشت قرونه حتى اختفت تماماً. جحظت عيناه حين اكتشف وجهه الجديد في المرآة، أفرغ رصاصةً في رأسه.
علياء
تحشدوا، هتفوا بحياته، لم يرهم إلا ذباباً، أبصر نسوراً ونجوماً تشع على كتفه، حلق عالياً وأعلنها حرباً عليهم، دُمِرَتْ جمجمته.
عُجالة
في طريقه لإسعاف أحدهم، توقف برهةً في منزل أخيه، فداعب أطفاله وشاركهم لُقيماتٍ من غدائهم وكأس شايٍ ارتشفه وودعهم على عُجالة. لم يكد سائق الإسعاف يصل دارَ المريضِ حتى فوجئ به يسلم الروح، فأطرق رأسه متألماً: “أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ”.
اِسْتِقامَة
ملأَ جيوبَهُ دنانيراً ثم توسطَ مُستشارَيهِ، دقَ بمطرقتهِ ثلاثَ طرقاتٍ، فَزِعَ الحضورُ واِرتبكَ المحامون، وضعَ ضميرهُ جانباً وحكمَ باسم الشعب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مواليد مدينة قامشلو عام 1976م، يدرس في كلية الحقوق ـ جامعة الفرات، وله مجموعة قصصية قيد الطباعة.