أدبية ثقافية فصلية تصدر باللغتين العربية والكردية

افتتاحية العدد (11): اللغة الأم

 

القراء الأعزاء:

نضع بين أيديكم العدد “الحادي عشر” من مجلة “شرمولا” الأدبية والثقافية، حيث تحاول مجلتنا دائماً طرح مواضيع مهمة ومفيدة، لذلك يوجد في كل عدد ملف يتم مناقشته بشكل مفصل، وملف هذا العدد هو “اللغة الأم”. تعتبر اللغة بشكل عام واحدة من أهم الخصائص الطبيعية والاجتماعية للإنسان، ومن خلاله يعبر عن مشاعره واحتياجاته.

اللغة وسيلة لنقل الأفكار، والتي تنتقل من الأجداد إلى الأبناء والأحفاد. ومن خلالها يتم التفاهم والاحتكاك بين أفراد المجتمع في جميع ميادين الحياة، إذ تعبر عن علاقاتهم وأحلامهم وآمالهم وأفراحهم وأحزانهم، وهي التي تمنح الأمم والشعوب ميزة البقاء والتجدد والاستمرارية، وتضم في طياتها العلم والأدب والسياسة والفن والفلكلور ونتاجات الأمم والمجتمعات..الخ.

إنها وسيلة للتعبير والتبادل عن الأفكار والمشاعر، لذلك أينما توجد مجموعات من الناس يكون هناك حاجة أيضاً إلى اللغة، وهي بذلك تقوي وتسهل التواصل بين الناس. كما أن أحد الأغراض الرئيسية  للغة هو تنظيم التواصل بين أفراد المجتمع.

كل أمة تعبر عن ثقافتها وتحافظ عليها بلغتها الخاصة التي هي أساس بقائها وتجددها واستمراريتها، ولذلك إذا فقدت أمة ما لغتها ستضيع معها جميع ثقافاتها وتقاليدها أيضاً، كما يضيع مستقبلها، لأن اللغة مهمة جداً للمجتمعات والأمم، ولها دور كبير في إغناء وإثراء الأمم. بمعنى آخر ، يمكن للمرء أن يقول أن الشرط الأساسي للانتماء القومي هو اللغة، فكل أمة أو شعب بحاجة إلى أن تكون لديها لغتها الخاصة.

إن حماية اللغة وإتقانها واجب وطني، لأن الدول والأنظمة المحتلة تدرك أهمية اللغة جيداً في حياة الشعوب، لذلك عندما تريد إبادة أو إزاحة أمة أو شعب ما، فإنها تلجأ أولاً إلى طمس لغتها، حتى تختفي ثقافتها وتاريخها وتقاليدها وفلكلورها الشعبية مع اللغة أيضاً.

يلعب المثقفون الدور الأكبر في الحفاظ على اللغة الأم لدى الأمم والشعوب، وإذا لعبوا دوراً جيداً وصادقاً في هذا السياق، فسيكون مستقبل اللغة جيداً ومشرقاً. ومن أجل أن تبقى اللغة على قيد الحياة، يجب استخدامها في التعليم والأعمال والحياة اليومية، وعدم القيام بذلك سيضعف اللغة بمرور الوقت ويؤدي إلى اندثارها.

كما تظهر أهمية اللغة في الإعلام بوضوح ولا يتم التغاضي عنها، لأنها مفتاح التواصل بين الشعوب ، وهي السبيل الأساسي للحفاظ على ثقافة الأمم والشعوب، بالإضافة إلى أنها تتضمن تاريخاً حافلاً بالقصص والأحداث والتجارب. لذا فإن اللغة ليست مجرد حروف منطوقة، ولكن خلف هذه الحروف يوجد مستوى عالٍ من الفن يسمح للناس بالتواصل مع بعضهم البعض وإظهار شعورهم ورغباتهم ومواقفهم.

ونظراً لأهمية “اللغة الأم” فقد ارتأينا في هيئة تحرير المجلة اختيارها كملف للعدد الحادي عشر. وكما في جميع الأعداد السابقة، يحتوي هذا العدد على العديد من الكتابات والنتاجات والدراسات المتعلقة بالثقافة والأدب واللغة، على أمل أن تكون مفيدة وقيمة للقراء الأعزاء.